اليوبيل الفضي و ماسية الأنجازات

١

 

بقلم المقدم المتقاعد المحامي الدكتور
أحمد ياسين الشخيبي الشوبكي 

تحتفل المملكة الأردنية الهاشمية هذا العام بالذكرى الخامسة والعشرين لجلوس جلالة الملك عبدالله الثاني على العرش، ويعد اليوبيل الفضي مناسبة وطنية مهمة لتسليط الضوء على الإنجازات التي شيدها الأردنيون بقيادة جلالة الملك، وكيف واجه الأردن بحكمة وقوة تحديات مصيرية، وكيف قاد جلالته مسيرة تحديث الدولة الأردنية والانتقال بها إلى القرن الحادي والعشرين. ففي التاسع من حزيران من كل عام تمتزج دموع الحزن والألم على رحيل المغفور له الملك الحسين بن طلال الملك الباني ،  بدموع الحب والفرح بتولي جلالة الملك عبدالله الثاني المعزز  سلطاته الدستورية فهذا الشبل من ذاك الأسد .وتستمر المسيرة مسيرة العطاء والبناء لتلتحم عزيمة جلالة الملك وإرادته بعزيمة وإصرار وإرادة وطنية صادقة من قبل شعب عظيم  ومنذ تسلم جلالة الملك سلطاته الدستورية شهدت المملكة إنجازات تاريخية  وسياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية على كافة الأصعدة  وكان على رأسها وأولوياتها اهتمام جلالته بالتعليم والصحة والصناعة والتكنولوجيا والاقتصاد الرقمي والإعلام والرياضة…
_ فعلى المستوى السياسي :- شهدت الأردن في عهد جلالة الملك تعديل  الدستور الأردني وادخل استخدام التمثيل النسبي في الانتخابات بطريق مختلف منذ انتخابات عام 2013 وكان ينظر الى التمثيل النسبي الخطوة الأولى نحو انشاء حكومات برلمانية تختارها الأغلبية النيابية . 
وكذلك جاء إنشاء المحكمة الدستورية عام ٢٠١١ بوصفها جهة قضائية مستقلة للرقابة على دستورية القوانين والأنظمة وتفسير النصوص التشريعية، وتأسيس هيئة مستقلة للأشراف على الانتخابات وادارتها بإسم الهيئة المستقلة للانتخاب عام 2012.
 وكذلك نشر جلالة الملك سبع اوراق  نقاشية تحدد رؤيته للدمقراطية والإصلاح التشريعي القانوني وكذلك السياسي، وتحفيز المواطنين للدخول في حوار بناء حول القضايا المهمة، والمشاركة الشعبية في عملية صنع القرار او كما اسماها جلالته المواطنة الفاعلة، والاعلان عن حملة تحديث للتشريعات السياسية الناظمة تحت مسمى المنظومة السياسية من خلال اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية وهي لجنة تشكلت بإرادة ملكية في ال 10 من حزيران لعام 2021 والتي كانت مهمتها وضع قوانين مثل قانون الانتخاب والاجتماعات والمطبوعات وقانون الأحزاب الذي اعطى جلالته من خلاله الضوء الأخضر للشباب للمشاركة والانضمام للأحزاب السياسية. والنظر بالتعديلات الدستورية المتصلة حكما بالقوانين والتشريعات، ودور جلالته ابان عهده منح النساء حصة مقاعد محدودة من خلال نظام الكوتا، وسن تشريعات وقوانين تزيد من حماية المرأة من العنف وتحسين إجراءات المحاكمة. سن قانون جديد للأشخاص ذوي الإعاقة، وقانون اللامركزية الجديد الذي صدر بإرادة ملكية في ال 16 من كانون الأول لعام 2015 بالمصادقة على هذا القانون بناء على ما قرره مجلسا الاعيان والنواب، والذي يهدف الى التنازل عن بعض سلطات الحكومة المركزية للمجالس المنتخبة، وزيادة مشاركة المواطنين في صنع القرار البلدي.
اما فيما يتعلق بالإنجازات السياسية الخارجية أبان عهد جلالة الملك حقق الأردن مكانة بارزة بين دول العالم بفضل الدور الذي قام به جلالته في دعم القضايا العربية والدولية، ومن أبرز هذه الإنجازات التي تحققت في هذا المجال، دعم حق الشعب الفلسطيني في العودة الى ارضه، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وتأكيد أهمية المقدسات الإسلامية والمسيحية، والدفاع عنها. ابراز صورة الإسلام السمحة في المحافل الدولية كافة. وإعلان رسالة عمان في عام 2004، للإسهام في محاربة التطرف والإرهاب. والمشاركة الفاعلة في المؤتمرات واللقاءات الدولية للدفاع عن القضايا العربية، والوقوف الى جانب الدول العربية للمحافظة على امنها واستقرارها، وحل القضايا العربية ضمن البيت العربي. وحصول الأردن على عضوية غير دائمة في مجلس الامن الدولي للمرة الثالثة في عام 2014، وترؤسه مجلس الامن الدولي مرتين في المدة بين 2014و 2015، وإبراز التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية التي يمر بها في اللقاءات الدولية والمؤتمرات العالمية.
أيضا دور جلالته في تنمية وتطوير شخصية ولي العهد الأمير الحسين، حتى جعل منه اميرا وعسكريا قادرا على اتخاذ اهم الاقرارات، واهمها الدعم الكامل للقطاع الشبابي من خلال مؤسسة ولي العهد التي تعنى بهذا القطاع جيدا، وتم إطلاق عدد من المبادرات الهمة التي تقف مع الشباب الأردني وأهمها مبادرة خاصة بالتعاون مع الوكالة الوطنية للملاحة الفضائية والفضاء الامريكية ناسا. وكذلك مبادرة مسار ومباردة حقق ومبادرة سمع بلا حدود.
_ اما في مجال التعليم :-   تم في عهد جلالته بناء وصيانة أبنية مدرسية وبناء إضافات صفية، بالإضافة إلى تجهيز المدارس الحكومية بالمختبرات العلمية والحاسوبية والمرافق اللازمة لممارسة الأنشطة المتنوعة والتوسع في رياض الأطفال، ومبادرة جائزة الملك عبدالله الثاني للياقة البدنية، وبرنامج التدريب العسكري،وفي عام 1999 أوعز جلالة الملك عبدالله الثاني الى الحكومة بإدخال تعليم مهارات الحاسوب الى المدارس الحكومية لردم الفجوة الرقمية في مجال استخدام الحاسوب بين المدينة والريف من جهة، وبين الأردن والعالم من جهة أخرى، ولتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص. ومنذ ذلك الحين جرى العمل على مشروع حوسبة المدارس الحكومية. واكد جلالة الملك عبدالله الثاني، في رسالة بعث بها إلى رئيس الوزراء في آذار 2015، إلى ضرورة تطوير منظومة متكاملة للتعليم بمختلف مراحله وقطاعاته، لمواكبة أحدث المعايير الدولية، وتكامل جهود تنمية القوى البشرية وفق إطار عمل واحد، من خلال تشكيل لجنة وطنية أعدت استراتيجية شاملة وواضحة المعالم لتنمية الموارد البشرية للأعوام (2016-2025)، تؤطر عمل القطاعات المعنية بالتعليم وتنسجم مع مخرجات رؤية الاردن . 
_ اما على مستوى القطاع الصحي :- اهتمّ  جلالة الملك عبدالله الثاني بتحسين مستوى خدمات الرعاية الصحية المقدمة للمواطنين، وأوعز بضرورة توسيع مظلة التأمين الصحي لتشمل شرائح أوسع من المجتمع ، و تنفيذا لرؤية جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله ورعاه تم اطلاق برنامج حكيم في تشرين الأول من العام 2009، بهدف دعم وتعزيز قطاع الرعاية الصحية في الأردن ومواكبة التطور في القطاع الصحي في الدول المتقدمة وذلك عن طريق ادخال التكنولوجيا في القطاع الصحي وحوسبته.يهدف تعميم تطبيق برنامج حكيم على المستوى الوطني إلى زيادة فعالية الإدارة الطبية وتحقيق تطوير جذري في الرعاية الصحية المقدمة للمواطنين والوصول بها إلى أفضل المعايير الدولية إلى جانب الكفاءة الاقتصادية وتحسين إجراءات سير العمل والتي ستنعكس بشكل ايجابي على تجربة المريض في المستشفى أو المركز الصحي، من خلال إنشاء ملف طبي إلكتروني لكل مواطن وتيسير وصول مستخدمي النظام إليه من أية منشأة طبية باستخدام الرقم الوطني عن طريق الربط بين قاعدة بيانات دائرة الأحوال المدنية وقاعدة بيانات النظام .
_ أما الشباب :-  فتستند رؤية جلالة الملك إلى أهمية مشاركتهم والتواصل معهم وتنمية قدراتهم ورعايتهم وترسيخ جذور الثقة لديهم، وانطلاقاً من أن هذا ركيزة أساسية لبناء الأردن الحديث أطلق جلالته مجموعة من المبادرات الرامية إلى تعزيز دور الشباب في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، بدءاً بالاستثمار في تعليمهم وتدريبهم وتأهيلهم، وحثهم على التفكير والتحليل والإبداع والتميز، مروراً بتوفير البيئة المناسبة لمشاركتهم في العمل والبناء، وانتهاءا بتعزيز انتمائهم الوطني وممارسة دورهم الفاعل والجاد في الحياة العامة وأولى جلالة الملك عناية خاصة لتوفير فرص العمل للأردنيين، والتركيز على مشروعات التدريب والتأهيل للحد من البطالة، وذلك ضمن جهوده لإحداث التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فكان المجلس الوطني للتدريب المهني ثمرة اهتمام جلالته بهذا المجال. وبدأ المجلس عمله بخطة طموحة هدفها تأهيل الآلاف من الشباب الأردني وتدريبهم تمهيداً لإدخالهم سوق العمل.وقد توجت كل هذه الجهود بمشروع الشركة الأردنية للتشغيل والتدريب . 
وكذلك أولى جلالته اهتماماً  منقطع النظير بالمتقاعدين العسكريين ودعمهم الدائم ودمجهم بسوق العمل المحلي وتأكيداً لذلك كانت لقاءاته المتكررة باللواء الركن المتقاعد الدكتور إسماعيل الشوبكي المدير العام للمؤسسة الاقتصادية والاجتماعية للمتقاعدين وتأكيد جلالته لدعمه المتواصل لكافة المتقاعدين العسكريين. 
_ وعلى المستوى الاقتصادي :- 
 حقق في عهد جلالته العديد من الإنجازات ومن أبرزها التوجه نحو الاقتصاد الرقمي ودعم ريادة الأعمال، وإنشاء المجلس الاستشاري الاقتصادي، والانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، وإقامة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، وإنشاء مراكز تكنولوجيا المعلومات ومنذ تولي جلالة الملك سلطاته الدستورية عام 1999، وهو يسعى إلى تحقيق التنمية الاقتصادية والإجتماعية، وتواصلت جهود جلالته من خلال برامج عديدة تسعى إلى تحقيق هذا الهدف في تأمين مستوى معيشي أفضل للأردنيين.
وحددت رؤية جلالته محاور عدة لتحقيق هذه الرؤية، منها: تحرير الاقتصاد وتحديثه، وتحسين مستوى معيشة جميع الأردنيين، ويشمل ذلك تخفيض عبء المديونية، وتقليص عجز الموازنة، وتبني سياسة اقتصادية تحررية، والاندماج في الاقتصاد العالمي، وتعزيز العلاقات الاقتصادية مع الدول العربية، ومحاربة مشكلتي البطالة والفقر.
وتنطلق رؤية جلالة الملك لإحداث التنمية الاقتصادية والإجتماعية الشاملة والمستدامة، من تبني مواطن القوة في المجتمع، على أساس الالتزام بالقيم، والبناء على الإنجازات، والسعي نحو الفرص المتاحة، لأن تحقيق التنمية الشاملة وبناء اقتصاد قوي يعتمدان على الموارد البشرية، المتسلحة بالعلم والتدريب، والتي ستمكن من تجاوز التحديات والمعيقات بهمة وعزيمة وبالعمل الجاد المخلص لتحقيق الطموحات.
وأدرك جلالته أن تحقيق الأهداف الوطنية في التعامل مع هذه القضايا لا يمكن أن يتم من دون بناء شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص، يكون الأخير بموجبها هو المحرك الرئيسي للنشاطات الاقتصادية، ويلعب دوره الحيوي في بناء سياسات واستراتيجيات الإصلاح الاقتصادي بمختلف جوانبه المالية والاقتصادية والتشريعية والقضائية والتعليمية.
وينطلق جلالته في دعمه المستمر للنهوض بالاقتصاد من خلال اتخاذ  الأردن خياراً استراتيجياً بالاندماج في الاقتصاد العالمي، عبر شراكات اقتصادية مع البلدان والمجموعات الدولية المؤثرة، وتبنى مبادئ التحرر الاقتصادي لتصبح جزءاً من إستراتيجية المملكة للتنافس الفعال في الاقتصاد العالمي الجديد، ونتيجة لذلك تم إدخال إصلاحات اقتصادية وبنيوية رئيسية لدمج الاقتصاد الأردني بصورة فعّالة بالاقتصاد العالمي، وجرى توقيع اتفاقيات اقتصادية مهمة على الصعيدين العربي والدولي . 
يطول الحديث عن الإنجازات في هذه المرحلة الدقيقة من عمر الدولة في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين وتتوج هذه الإنجازات باحتفالات المملكة باليوبيل الفضي لتولي جلالته سلطاته الدستورية في التاسع من شهر حزيران لعام ٢٠٢٤ في احتفال مهيب برعاية ملكية سامية .نعم نحن نحتفل باليوبيل الفضي لكننا حقيقية نفاخر بإنجازات ماسية . 
كل عام والأردن ملكاً وحكومة وشعبا بألف خير ،،،،