في يوم الوفاء للمتقاعدين العسكريين

1

يقول جلالة الملك عبدالله الثاني في خطابه الذي افتتح به أعمال الدورة العادية الثالثة لمجلس الأمة الثالث عشر في الأول من تشرين الثاني من العام 1999: «أما قواتنا المسلحة الباسلة، وأجهزتنا الأمنية، فهي درع الوطن ورمز كبريائه، وإرادته الحرة، وهي العين الساهرة على أمن المواطنين والحفاظ على حياتهم وكرامتهم».

ومنذ تسلم جلالته سلطاته الدستورية أولى القوات المسلحة جُلّ اهتمامه ورعايته فهو رفيق السلاح الذي تخرج من صفوفها وعرف واقعها الدقيق ومتطلباتها، ولم يدخر وسعاً لجعلها قواتٍ تواكب العصر تسليحاً وتأهيلاً، وكان له ما أراد فسعى جلالته جاهداً لتطوير وتحديث القوات المسلحة لتكون القادرة على حماية الوطن ومكتسباته والقيام بمهامها على أكمل وجه كما عمل على تحسين أوضاع منتسبيها العاملين والمتقاعدين حيث أصبحت القوات المسلحة الأردنية مثالاً ونموذجاً في الأداء والتدريب والتسليح وتتميز بقدرتها وكفاءتها القتالية العالية بفضل ما أولاها جلالة القائد الأعلى من اهتمام كبير بحيث هيأ لها كل المتطلبات التي تمكنها من تنفيذ مهامها وواجباتها داخل الوطن وخارجه.

وينظر جلالة الملك للمتقاعدين العسكريين نظرة خاصة حيث يُقدر جلالته دور هذه الفئة في تعزيز مفهوم الأمن والاستقرار، وقد حرص جلالته على لقاء المتقاعدين بين حين وآخر اعترافاً بدورهم الذي قدموه للوطن خلال سنوات خدمتهم في صفوف القوات المسلحة، وترجمة لذلك جاءت اللفتة الملكية السامية بتخصيص يوم الخامس عشر من شباط من كل عام ليكون يوم وفاء للمحاربين القدامى والمتقاعدين العسكريين.

وتنطوي الرغبة الملكية السامية لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين بتخصيص هذا اليوم من كل عام على جملة من الدلالات المثقلة بالمعاني العظيمة التي أراد جلالته من خلالها تأكيد أهمية الرسالة التي قام بها جيشنا العربي ورجالاته الأوفياء على امتداد الوطن العربي منذ تأسيسه، والمتمثلة في تجديد نهضة الأمة العربية، وحماية هذه النهضة وتدعيم الحق العربي، ومساندة الأمة العربية في كل بقاعها، والحفاظ على أخلاق الإسلام الذي جعل من العروبة قاعدة صلبة لحضارة حيّة وخلاقة عظيمة تقوم على قوة الخلق والإيمان قبل ان ترتكز على قوة المادة والثروة.

مكمن الرغبة الملكية، ليس مجرد الاحتفال بالمحاربين القدامى فقط وإنما لما ينطوي عليه من أهمية دراسة تجاربهم بما هم كوكبة من فرسان الوطن في محاولة لرد حقهم علينا من جانب، وكي نحفظ للوطن ذاكرته ونؤشر للناس على بعض معالم انجاز بلدنا ونذكرهم بحجم ما بذلوا تحت قيادة الهاشميين حتى وصل الوطن إلى ما وصل إليه من تقدم ورقي وهو الهدف الذي توافقت فيه إرادة الجميع للعمل كتلة واحدة ملتحمة كلّ يسد الثغرة التي تليه وبتعاون الجميع ليقدموا شيئاً مشتركاً يليق بالوطن ومكانته العظيمة.

المتقاعدون العسكريون اليوم وكما كانوا على الدوام حاضرون في فكر ووجدان جلالة القائد الأعلى، وفي ذاكرة أبناء الوطن جميعا الذين يقدرون لهم تضحياتهم النبيلة ومواقفهم الرجولية الشجاعة، وتلبيتهم لنداء الضمير والواجب الإنساني كلما ادلهم الخطب واشتدت النوائب، وجيشنا العربي ومتقاعدوه من ضباط وضباط صف وأفراد هم نشامى كانوا وسوف يبقون موضع الثقة الملكية ومحط الأمل والرجاء في إسناد جهود التنمية والتحديث والإصلاح الذي يقود ورشته جلالة الملك بكل ثقة واقتدار وعزيمة لا تلين.

خلاصة القول، أن الخامس عشر من شباط من كل عام سيبقى يوما دالاً على الوفاء الهاشمي الكبير الذي أبداه ويبديه جلالة قائدنا الأعلى الذي أكد مراراً أن هذا الوطن ما بناه إلا الصادقون الأوفياء لرسالته وفي مقدمتهم جيشنا العربي الرائد والمتقدم في طليعة الأمة دائماً وابداً.

* رئيس هيئة الأركان المشتركة الأسبق محمد يوسف الملكاوي